بنك مصر
بنك مصر
البنك الاهلى المصرى
2b7dd046-8b2b-408c-8c9e-48604659ffe0
البنك الاهلى المصرى
البنك الاهلى المصرى
الرئيسيةمقالات

الإحتباس الحرارى والأمراض المعدية

بقلم : أشرف العشماوى
إن إزدياد درجة الحرارة السطحية للأرض على مستوى العالم، مع إزدياد غاز ثانى أكسيد الكربون الناتج من الحرائق وغيرها ، وكذا وجود غاز الميثان وبعض الغازات الدفيئة الآخرى و التى تساعد فى تدفئة جو الأرض السطحى تسمى بظاهرة الإحتباس الحرارى ، المتابع الجيد للأرصاد وتقلبات الطقس يلاحظ إرتفاعات غير مسبوقة فى درجات الحرارة موجة تلى موجات ، أمطار وسيول وأعاصير فى غير موسمها ، ووسط هذه التغييرات المناخية الرهيبة وبعيدا عن الآثار المباشرة والتى تسببها كضربات الشمس والإجهاد الحرارى .
دعنا نتفق جميعا اليوم أن المناخ ترتفع درجة حرارته ،وأن معدلات الإرتفاع فى درجات الحرارة فى تصارع مستمر ، وأن نتائج تلك التغيرات الحرارية قد تصبح أكثرا دمارا ،نعم سترتفع درجة حرارة المحيطات والبحار ، سيذوب الجليد ، منسوب المياه فى تلك المحياطات والبحار سيكون أعلى من مستوياته الطبيعية ، ستغرق بعض المناطق السكنية المتأخمة لتلك السواحل ، الطقس سيصير أكثر تقلبا ، ستشدد العواصف والأنواء .
إن الإرتفاع العالمى فى درجات الحرارة وغيرها من التغييرات المناخية التى ستترتب عليها سوف تتسبب فى توسيع مدى إنتشار كثير من الأمراض المعدية الخطيرة ، يمكن لإرتفاع درجة الحرارة أن تؤثر على الصحة من نواحى شتى ، أكثر تلك النواحى مباشرة أنها تسطيع أن تخلق موجات حرارة أقوى وأشد ، تزداد خطورتها اذا لم تنخفض مساءا .
فى المناطق القاحلة داومت درجات حرارة المناخ على الإرتفاع المستمر ، كما أن هطول السيول الجارفة والفجائية أصبح الأكثر شيوعا ، إن تلك الكوارث عززت بوسائل شتى فى بعث و ظهور وإنتشارالأمراض المعدية ، وهذا مايثير قلقا عميقا لدى الباحثين لأنهم يدركون تماما أن المرض المعدى إذا إنتشر يصعب إعادته إلى قمقمه ، وبالرغم من أن فياضانا يقتل أعدادا أكثر بمرات مما يقتله المرض المعدى ، إلا أن المرض المعدى عادة مايقاوم محاولات القضاء عليه وقد يغزو مناطق أخرى تساعده على البقاء .
قد يزداد المناخ حدة وتغيرا مع الارتفاع المناخى فى درجات الحرارة حيث تسرع دورة المياه ، وهى العملية التى يرتفع فيها بخار الماء الناتج من الميطات والبحار حيث يتكثف فى الجو ليكون امطارا ، عندما تتكثف المياه الائدة فانها فى غالبية الاحوال تتساقط من السماء على هيئة سيولا مدرارة .
ليست الحرارة الزائدة وحدها التى تساعد على تواجد الأمراض وإنتقالها ، كذلك الفياضانات العارمة وفترات الجفاف التى تعقبها ، تسطيع الأوبئة أن تجد البيئة الخصبة لتوالد وتكاثر الحشرات والبعوض ، والتى تحتفظ ببيضها المجفف حيا حتى يفقس فى المياه الراكدة الناتجة من تحول تلك الفياضانات وإنحسارها بركا موحلة صغيرة ومستنقعات ، كما أن فى أوقات الجفاف تتحول الجداول الرقراقة لبركا من المياه الراكدة .
تشغل الامراض المعدية التى ينقلها البعوض مثل الملاريا وحمى الدنج والحمى الصفراء والأنواع العديدة من التهابات المخ مع إرتفاع درجات الحرارة حيزا كبيرا من الإهتمام ، يحصل البعوض على الكائنات المسببة للأمراض عن طريق تناول وجبته الغذائية من دماء الشخص أو الحيوان المصاب حيث يتكاثر داخله الكائن المسبب للمرض ، ومن ثم تقوم بإعطاء جرعة تسبب المرض للأشخاص الذين تلدغهم تلك البعوضة ، ربما الحرارة المفرطة تقتل الحشرات بنفس الكفاءة التى يقتلها البرد ، غير أن البعوض يتكاثر ويلدغ بمعدلات أسرع كلما إزداد الهواء دفئا ، كما أن الحرارة الزائدة تسرع فى معدلات تكاثر ونضج تلك الكائنات المسببة للمرض داخل أجسامها ، فيحتاج طفيل البلازموديوم فالسبارم 26 يوما للنضج تماما عند درجه حرارة 68 فهرنهايت ، بينما لاتستغرق إلا 13 يوما للنضج عند درجة حرارة 77 فهرنهايت .
إن الإحتباس الحرارى العالمى إضافة إلى حدة الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات والبعوض ، فإنه قد يزيد من حدوث الأمراض التى تنقلها المياه بما فيها الكوليرا وغيرها من الأمراض ، حيث تسهم الفياضانات والسيول فى إنتشار الأمراض التى تنقلها المياه بطرق شتى فهى تجرف المجارى والصرف الصحى وغير ذلك من مصادر الكائنات المسببة للأمراض إلى مصادر مياه الشرب مما يسبب إزهارا مفاجئا فى الطحالب الضارة ، حيث أن بعضها يكون ساما للبشر بصورة مباشرة .
إنه ومن الحكمة أن يكون الشغل الشاغل للدول وحكوماتها الإستعداد الجيد لهذه الظواهر ، ووضع حلول وآليات وأن يجدوا الوسائل والسبل وأن تكون تلك الحلول موضع التنفيذ ، فالمجتمعات والأنظمة البيئية تسطيع أن تجمع شتات أمرها بعد المحن ولكن بشرط أن لا تكون معرضة لتحديات طويلة الأمد ، إن كبح جماح الأرتفاع الحرارى يحتاج إلى إجراءات تصحيحية مؤثرة للسيطرة بها على إضطراب النظام المناخى العالمى .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى