بنك مصر
بنك مصر
البنك الاهلى المصرى
2b7dd046-8b2b-408c-8c9e-48604659ffe0
البنك الاهلى المصرى
البنك الاهلى المصرى
الرئيسية

يجب أن يتوقف هذا العبث بحياة الناس

كتب/ يوسف المقوسي

تجاوز موضوع تشكيل الحكومة الجديدة حدود المألوف أو المقبول في ظروف عادية، فكيف والبلاد تنام وتستفيق في قلب مخاطر الفتن ؟

يجب أن يتوقف اللعب على حافة الهاوية: استثارة حركة ضد حركة أخرى، تبديل المعايير والمقاييس من دون سابق إنذار لاستبعاد طرف (حزبي) في لعبة هي في مبتداها ومنتهاها “حزبية” العنوان والمضمون، ادعاء الحق المصري لهذه الحركة أو تلك في حقيبة معينة، التمييز بين الحقائب “السيادية” و”الخدماتية” بطريقة أقل ما يقال فيها انها تحقير للشعب وتتفيه لوظيفة الحكومة .

يجب أن يتوقف هذا العبث بحياة الناس وأرزاقهم.

بل انه عبث بالسلطة كياناً ونظاماً سياسياً ومؤسسات.

والأخطر أنه عبث بما تبقى من ركائز الوحدة الوطنية، في جو مأزوم يتناهبه الشحن الحزبي، فلا شيء يمنع من أن تنحدر تصريحات التذاكي وبيانات التشاطر السياسي إلى وهدة التحريض المكشوف على الفتنة.

ها ان الطبقة السياسية تتبدى أمام هذا الشعب الذي لا صوت ولا دور له، عارية، مكشوفة: لا هم يهتمون بالمناخ السائد في البلاد، وهم قد لعبوا دوراً خطيراً في توليده بكل ريح السموم فيه، ولا هم يتنبهون إلى المخاطر التي تتهدد كيانات المنطقة، في جو من الصراع الدولي الذي يفرض أي حس وطني طبيعي بذل الجهد لتجنب تأثيراته المدمرة، بشهادة العراق تحت الاحتلال الأميركي وفلسطيننا التي يكاد يذيبها كلياً مشروع التوسع الإسرائيلي بالاستيطان وجدار الفصل العنصري، فضلاً عن الصراعات فيها بكل نتائجها المأساوية على حلم “الدولة الشوهاء” حتى لا نقول: “على حلم التحرير”.

صار الرؤساء والوزراء بأحزابعم ومذاهبهم عارية: كيف تُبنى حكومة وحدة وطنية بممثلين صريحين لأحزابهم وحركاتهم التي تعيش حالة محمومة تجد فيها “الدول” مجالاً رحباً للتدخل، البعض بالتبني والبعض الآخر بالتحريض؟!

ثم إن هذا التمثيل الحزبي يخضع لتصنيفات عجيبة: مرة تكون الكلمة للأكثرية (الحزبية )، ومرة ثانية تستخدم “الأكثرية” ضد من يمثلها حزبياً ويشهر سيف الوحدة الوطنية ضدها، ليمنع إسناد حقيبة معينة إلى رموزها؟!
ومرة ترتفع الأصوات بضرورة إعطاء رئيس السلطة “الصوت المرجح”، ثم فجأة يتم الاشتراط على الرئيس: توزر من هذه الحركة لا من تلك.. وبالإجمال يستخدم موقع الرئاسة لتصفية حسابات معلقة، ويتم استنزاف رصيد الرئيس في الجدل الحزبب حول تحقيق الديموقراطية التوافقية.

عبر معارك التشكيل تتهاوى الصفات المطلوبة في “حكومة الوحدة الوطنية ” العتيدة لتنقلب إلى عكسها تماماً، فهذه المعارك “المتحزبة” يصعب أن تنتهي بتلاق على “الثوابت الوطنية”.

في ضوء هذا كله: أي بيان وزاري سيكون قادراً على تجميع هؤلاء المختلفين على البديهيات والذين سيدخلون الحكومة لأحزابهم وحركاتهم المختلفة المواقف إلى حد التنابز بالألقاب؟!

السؤال الأخطر: عبر طوفان الجدل المحتدم حول التوزير ونسب التمثيل والحقائب السيادية وحقائب الخدمات، لم يسمع المواطن كلمة واحدة تتصل بهمومه المباشرة، سواء أكان صناعياً أم مزارعاً، مؤهلاً يبحث عن فرصة عمل، أم عاملاً يعيش حالة خوف مفتوح على ضمانات حياته وما تبقى من مؤسسات تكفل له الحد الأدنى من الاستقرار النفسي (الضمان الاجتماعي)… هذا قبل الحديث عن العجز المتفاقم في ميزانية السلطة والذي يحتاج إلى معجزات كثيرة، أولاها التكاتف الوطني في إقامة حكم قادر كمدخل إلى تصحيح ما يصعب علاجه.

كان الافتراض أن التوافق على رئيس في ظل ظروف استثنائية، هو الخطوة الأولى على الطريق إلى حل جدي للأزمة السياسية التي تعصف بهذا الوطن الصغير وتكاد تفرغه من أهله الأكفياء، لتتركه نهباً للفتن الحزبية.

وها هي الفرصة التي وفرها الاستثناء تكاد تضيع وسط المناورات وألاعيب تجار الأزمات في الداخل والخارج، جارفة معها “السلطة” جميعاً، ومعها كل البدع الفلسطينية المنشأ كالديموقراطية التوافقــية، التي لا تعني شيئاً غير إخضاع الشعب لنوازعه وعواطفه الحزببية المستثارة في ظل غياب “الدولة” في انتظار إنجاح خطة همايونية عنوانها “إقامة حكومة وحدة وطنـية” لا يبشر مسار تشكيلها بأنها ستكون “حكومة” فعــلاً، فضلاً عن أن تكون مجسدة للوحدة الوطنية أو محققة لـها في المـدى المنظور.

وآن أن ينتهي هذا العــبث بكرامة الشعب المنقسم على ذاته بفضل مثل هذه المــناورات التي تضــرب ما تبقى من أسس العيش المشترك لتفتح البــاب، مجــدداً، أمام الفتنة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى