بنك مصر
بنك مصر
البنك الاهلى المصرى
2b7dd046-8b2b-408c-8c9e-48604659ffe0
البنك الاهلى المصرى
البنك الاهلى المصرى
مقالاتمنوعات

أین أنا؟ .. بقلم أحمد الوحش

المرة الأولى التي أشعر فيها بالبرد الشدید، يداي شاحبتان، وعیناي ممزوجة نظراتهما بحزن شديد وإحباط أشد، كیف أخرج من تلك المتاهة؟ أین أنا؟ وما هذه الثلوج؟ هل أنا تائه في سیبیریا؟

أسمع همسات الذئاب التي تتبعني وعواء قائدها یطاردني متلاعباً بمشاعري، فالذئاب طالما كانت مصدر خوفي الأكبر، تلك الجبال الباردة أسیر فيها أمیالاً عاري القدمین، حتى أصبحتا زرقاوتين بشدة، ظهرت علامات عضة الثلج، أقسم أنني استسلمت، بالكاد أتنفس في ظل ذلك البرد القارس الذي يتغلغل إلى عظامي، وقدماي قد أصابها الوهن، نعم هو وقت الظهیرة لكنه بلا شمس.

أشعر كشیخ ضعیف من البلاد السوداء مرمي بین جبال سیبیریا الموحشة، تؤنسه قضمات الذئاب من جسده؛ حيث أصابه السُكر -لحظات خروج روحه البطیئه- ظاناً أن فرو الذئاب الدافئ خصلات من شعر أمه الحنون -التي كانت تداعب وجهه دائماً- ویسمع أصوات عراكها على جثمانه كأنها أمه -التي ماتت منذ سنوات- تناديه باسمه، أین أمه؟ وأین حنانها؟ بل أین أنا؟

أهلاً بك في جوفي، عالمٌ موحش كعالم الذئاب، التي تلتهم كل تائه یحاول جاهداً الخروج من تلك المتاهة البیضاء -التي لا نهایة لها-.
هنا الوحدة التي تفوق سیبیریا في برودتها، كم أتمنى لو ينقذني أحد من ذلك الموت البطيء، كم أخاف ذلك الباب المغلق الموجود في قلبي، حین أفتحه يجرفني سيل من الذكریات، كأن روحي تخرج كل يوم مرات عدیدة…

كم أكره تلك اللحظات الألیمة وسط ثلوج الوحدة یا صدیقي، انتشلني من هنا، لم أكن لأتركك يوماً لتلك الذئاب الجائعة، أو أطعن ساقك -كما فعلت- مؤخراً إياك، فيلتهموك وأنجو، حقاً لم أكن لأتركك، إنني أخجل أن أطلب منك المساعدة، وأرتدي قناع “أنا بخیر”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى