بنك مصر
بنك مصر
البنك الاهلى المصرى
2b7dd046-8b2b-408c-8c9e-48604659ffe0
البنك الاهلى المصرى
البنك الاهلى المصرى
محافظات

أوبرج الفيوم أسطورة تاريخية شاهدة على عصر ذهبي

 

كتب/  أحمد عبدالله

تتميز الفيوم بطبيعتها الخلابة الساحرة و بموقعها المتميز و الذي ذاع صيته عالميا لصيد أجود أنواع الأسماك من البحيرة ، وأيضا البط والسمان المهاجر وكذلك الأرانب البرية والغزلان في الجزء الصحراوي المجاور للبحيرة . ولأن الملك فاروق كان متيما بجمال الفيوم و طبيعتها و لأنه أيضا كان مغرما برياضة الصيد ، فقد قرر الملك فاروق عام ١٩٣٧ إنشاء استراحة شتوية على ضفاف بحيرة قارون بالقرب من هضبة الفيوم ، ينعم فيها بالراحة والاستجمام وممارسة هواية الصيد التي كان يعشقها ، بعيداً عن بلاط الحكم ومشاكله .

لجأ الملك فاروق إلي المهندس الإيطالي “ألبرت زنانيرى” لتشييد الاستراحة في وقت سريع علي الطراز الإيطالي الريفي وعرفت هذه الاستراحة الملكية باسم “أوبرج الفيوم”، ويقع الأوبرج على بعد نحو ٧٠ كيلومترا جنوب غرب القاهرة و قد استخدم الملك فاروق ذلك المكان أيضا لإقامة الحفلات الملكية و لإستقبال النخب من أصدقائه و من ضيوف مصر و قد شهد هذا المكان العريق العديد من اللقاءات التي جمعت شخصيات تاريخية هامة أشهرهم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وينستون تشرشل، الذي التقى الملك عبدالعزيز آل سعود ملك السعودية في الفندق فى فبراير ١٩٤٥ على هامش مؤتمر الأقطاب لدول الحلفاء والذي حضره الرئيس الأمريكي روزفلت وقتها في القاهرة ، إلا أن الملك عبدالعزيز فضل الإقامة في أوبرج الفيوم . والى الآن توجد قاعة تسمى باسم تشرشل وهي التي شهدت اللقاء بينه وبين الملك عبدالعزيز، حيث وضعت في القاعة صورتين متقابلتين للقائدين . وكان هذا المكان شاهدا على اتفاقات و اجتماعات كان لها تأثيرها التاريخي الهام .

ويضم «الأوبرج» ٥٠ غرفة من بينها ٣ أجنحة ، أشهرها جناح الملك فاروق ، الذي كان ينزل به أثناء الصيد وتحكي جدران هذا الجناح قصة الملك فاروق منذ أن كان طفلًا صغيرًا، حتى وصل للعرش من خلال الصور التي تم تعليقها على الجدران ، كما وثقت الصور زواج الملك فاروق، وعلى السلم الخشبي الذي يربط غرفة الاستقبال بغرف النوم علقت صور للأسرة الملكية التي سبقت عهد الملك فاروق . وهناك باب خارجي للغرفة يطل على حديقة خاصة به وعلى ممر يؤدى إلى رصيف الصيد الخاص بالملك فاروق والذي كان يقضى عنده الساعات الطوال ، يمارس هوايته المفضلة و هي رياضة الصيد . هذا ولا تزال استراحة “أوبرج الفيوم” تحتفظ بالقاعات التي شيدها الملك فاروق وتحمل كل قاعة اسم إحدى الشخصيات المهمة والتي نزل بها ، مثل القاعة الملكية وقاعة السفير وقاعة قارون وقاعة تشرشل .

بعد حركة الضباط الاحرار عام ١٩٥٢ تم تأميم أوبرج الفيوم باعتباره ضمن الممتلكات الملكية وقامت القيادة آنذاك بتسليمه لهيئة الآثار والسياحة ليتم تأجيره وتم تحويله إلى فندق ، فأصبح يتردد عليه الجميع وتقام فيه حفلات الزفاف .

وفي عام ٢٠٠٥ تولت شركة هلنان العالمية إدارة الفندق ولمدة ٢٥ عامًا، فقامت بتجديده وتطويره وإعادته إلى سابق عهده ذي النمط الكلاسيكي ، كما حرصت على اضفاء الجو الملكي على أعمال الديكور الداخلية ، فالمكان كله مكسو بالرخام، ومزين بأشكال وألوان تتماشى مع اللون الأساسي، بينما فرشت الممرات بالسجاد الأحمر ذي النقوش الذهبية التى تزيد المكان جمالا، وتضيف إليها اللوحات الزيتية على الجدران ، كما أضافت إليه بعض الوسائل الحديثة مثل حمام السباحة وملاعب التنس والاسكواش ويأتي له الزوار والسياح من كل بقاع الأرض لا سيما من ألمانيا ، ايطاليا ، فرنسا و سويسرا وذلك من أجل الاستمتاع بالجو المعتدل والطبيعة الخلابة للمنطقة و للتمتع برياضة الصيد ، حيث يضم مركز صيد كبيرًا، ومن هذه البقعة الريفية الجميلة يستطيع الزوار التوجه إلى شواطئ الرمال الذهبية في وادي الريان أو يستكشفوا وادي الحيتان الذي كان يوما ما يمثل قاع البحر، وبات اليوم جافا ولم يبق منه سوى الهياكل والأصداف ملقاة على رمال الصحراء .

كان الأوبرج أيضا مقصدا لصناع السينما و الأفلام ، فاختاره المخرج صلاح أبو سيف لتصوير المشاهد السياحية في فيلم “هذا هو الحب”، وغيره العديد من أفلام الأبيض والأسود وفي السنوات الأخيرة أيضا صورت فيه مشاهد من فيلمي “مسجون ترانزيت” و”سفارى” وأيضا مسلسل “الريان” .

ولا يزال “أوبرج الفيوم” تفوح منه رائحة الماضي و عبق التاريخ ويستطيع اي زائر ان يستمتع بالأجواء الملكية و الفخامة ، ليبتعد عن الحاضر و صخبه ، وينهل من سحر الماضي و أصالته من بين جدران ذلك المكان العريق .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى