أخبار مصر
أخر الأخبار
وكيل الأزهر: لغة الحوار أشد تأثيرًا من الفِعلِ العسكري ومفردات السلام أقوى من الحرب
كتب: محمد سليمان
نظم مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف احتفالًا لتكريم الفائزين في مسابقة «ثقافة بلادي»؛ والتي شارك فيها الطلاب من المصريين والوافدين من الدارسين بالأزهر، حيث مرت المسابقة بعدة مراحل وبمشاركة خبراء من الداخل والخارج، وبالتعاون مع الهيئة العامة لتنشيط السياحة بوزارة السياحة والآثار، ووزارة الثقافة، وجميع قطاعات الأزهر الشريف، وذلك تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وبحضور فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، والدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة، والدكتورة غادة شلبي نائب وزير السياحة، وعدد من قيادات قطاعات الأزهر وبعض مؤسسات الدولة المختلفة.
قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إنَّنا نعمل على أن يكون هذا الحفل والتَّكريم خُطوة في طريق حماية الفكرِ، وصيانة الهويَّة من محاولات الاختطاف أو التَّشويه من قِبَلِ أفكارٍ مغلوطةٍ أو مشروعاتٍ منحرفةٍ، ولا يخفى عليكم أن مصر تعيش حالةً فريدةً من التعايش بين أبنائها، وخاصة في ظل دعم فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، ودعوة سيادته للحوار الهادف، الذي تتضافر فيه جهودَ الجميع لإعلاء قيم التَّعايش والتَّسامح، ومد جسور التفاهم والإخاء، والتصدي لخطاب الكراهية، ونشر قيم العدل والمساواة من أجل تحقيق السَّلام والاستقرار.
وأكَّد الدكتور الضويني أن «المواطنة» بما تفرضه من فكرٍ وسلوكٍ حقيقةٌ دينيةٌ، وضرورةٌ مجتمعيةٌ، وفريضةٌ إنسانيةٌ، وأن «المواطنة» مصطلح أصيل في الإسلام يتجاوز التنظير الفلسفي إلى السلوك العملي، وأن «المواطنة الحقيقيَّة» لا إقصاء معها، ولا تفريق فيها، مشيرًا إلى أن المواطنة الصادقة تستلزم بالضرورة إدانة التصرفات والممارسات التي تفرق بين الناس بسبب من الأسباب، والتي يترتب عليها ازدراء أو تهميش أو حرمان من الحقوق، وما إلى ذلك من سلوكيات يرفضها الإسلام.
وأوضح فضيلته أن الأزهر الشريف قد استطاع من خلال التَّعاون المثمر مع المؤسسات الدينية الرسمية داخل مصر وخارجها، أن يحقِّق نجاحاتٍ كبيرةً من خلال حوارات دينية حضارية حقيقية، تلتزم الضوابط العلمية، وتحفظ ثوابت الدين، وتترك نتائج ملموسة في سبيل تحقيق الأمن والسلام للبشرية كافة، وشاءت إرادة الله أن يكون بنو الإنسان شعوبًا وقبائل؛ في الغنى والفقر، وفي الفَهم والإدراك، وفي العادات والتقاليد، وفي غير ذلك من مناحي الحياة، مضيفًا أن تلك الإرادة الإلهيَّة التي اقتضَتْ تنوع الخلق فيها حكم عظيمة ودلالات تستحق التأمل، ومن جميل ما أحاطَ به الإسلام هذا التنوع أن جعل الغاية من التنوع أن نتعارف ونتآلف، فيما يثري الحياةَ ويزيد من استثمار مكوِّناتها.
وأضاف وكيل الأزهر أن أهمية هذه المسابقة التي ينظِّمها الأزهر الشريف بالتعاون مع وزارتي: الثقافة، والسياحة والآثار تكمُنُ في نقل ثقافتنا المصرية إلى غيرها من ثقافات الشعوب الأخرى، وذلك عن طريق التزامل بين طالبينِ: طالبٍ مصريٍّ، وطالبٍ وافدٍ يتعلَّم على أرض مصر، وهنا أقول: إنَّ مصر التي ذكرها الله في قرآنه عدة مرات تميَّزت بأهلها، وعاداتها وتقاليدها، وأخلاقها وقِيمها، وتميزت بأزهرها -أزهر الدنيا ومنهجه المنفتح على الكون كله- الذي استطاعت مصر به أن تصلَ حضارةَ اليومِ بحضارةِ الأمس، ووصلت به حاضرها الإسلامي بتراثها الحضاري القديم، فامتلكت المجدَ الدينيَّ والحضاريَّ من أطرافِه.
وتابع وكيل الأزهر، أنه من هنا تتأكَّد أهمية هذه المسابقة الفكرية الراقية، التي تأتي عاملًا فاعلًا مؤثرًا في توطيد التواصل والحوار بين الشعوب، الأمر الذي يعزِّز قوة مبدأ السِّلمِ العالمي الذي تتوق لتحقيقه البشرية عبر العصور، فالشعوب التي تتحاور ثقافيًّا لن تلجأ إلى الحروب وافتعال الصراعات المسلحة؛ لأن لغة الحوار أشدُّ تأثيرًا ورقيًّا من الفعل العسكري، ومفردات السلام أقوى من مفردات الحرب، مؤكدًا أن هذا الحوار الراقي لا يتأتَّى إلا عندما يُبدِي كل شعب احترامَه لثقافة الشعوب الأخرى ونمط حياتها ومعتقداتها، داعيًا الجميع إلى تبني ثقافة منفتحة تكون نافذة واسعة تمكن الشعوب من تحديد هويتها، وتبين خصوصيتها، والاستفادة من ثقافات الآخرين بما لا يعارض الخصوصيات ولا يهدِّد الهويات.