موسيقى الصمت

بقلم/ محمد مصطفى عبدالحق
عندما يبلغ الصمت حده يبدء جسدك بعزف لحنه الخاص، فالنبض موسيقى، عملية التنفس موسيقى.
ايقاع قدميك على الأرض في سكون الليل ما هو إلا موسيقى.
حركة أصابعك عندما تطقطق بهما إنها موسيقى.
فالجسد يحتاج لموسيقاه بكل أنواعها عندما يستيقظ، وعندما يمارس الرياضة وأثناء تناول الطعام. وكأن لكل حدث إيقاع ، وموسيقى أنت تبحث عنها سواء أدركت ذلك أم لا فهذا يحدث.
ونوع آخر من الموسيقى تحدث كل يوم تفتش عنها بأُذونك في الصمت فمن منا لم يستمتع حين يستمع لطشة التوم لتعلن عن جاهزية الملوخية للآكل! أو سقوط البطاطس في الزيت لترقص وتتحول لمقرمشات فهو إيقاع من نوعً خاص وكل إيقاع هو موسيقى. فالحياة تعزف لحن الوجود في كل يوم ونحنُ نعيشه في كل لحظة، نبحث عنه في صوت بائع الفول وهو ينادي ليعلن عن وصوله، وكل بائع يعلن عن وجوده بإشارة صوتية، أو ينادي على البضاعة بجميل الكلام ليجذب انتباه الناس بأنه آتى في موعده اليومي.
الموسيقى تحيط بنا تبتلعنا وتداعب احاسيسنا طوال الوقت ولكننا لم نشغل لها بالاً وقد نختار الوان موسيقانا بأشكال مختلفة والحديث هنا عن الموسيقى التي لا يصاحبها غناء لنجردها ولكي أوضح لكم كيف تخدمنا موسيقانا اليومية في كل دقيقة، ففي لحظاتك الفردية وفي السكون قد تبحث عن صوت أنت لم تحدد ملامحه بعد، ولكنك تبحث عنه فيما يدور حولك من أصوات ولما لا فالأذن خلقت للسمع وقد تسمع ما لا تريد سماعه وهنا يأخذنا سبب كتابة هذا المقال مادمت لا تريد أن تسمع ما لا يعنيك أو يشتت انتباهك أو يزعجك فالأفضل لك أن تبحث عن موسيقاك الخاصة، ولتملاء أذنك بما يطيب لك من سمع.
تأمل معي عندما يسمع شخص لحناً جميلاً ماذا ترى فيه عندما تراقبه عن كسب دون أن يعلم فقد تراه يدندن ، أو يحرك ساقاً ، أو يطقطك بأصابعه، وقد تراه يتمايل طرباً أو مبتسماً.
هل هذا التأثير على الإنسان لا يعني لنا شيءً! ؟ أظن مخطىء من قال أن الموسيقى تشتت الانتباه او تضيع لك وقتك بل إنها في أوقات كثيرة قد تزيد من انتاجك الأدبي أو تكون سبب لراحة أعصابك أثناء إجراء عملية ما.
“إن كل ما يحتاجه الإنسان في حياته هو شيءً هام” دونما تفريق بين الأشياء.
والحديث هنا عن الموسيقى التي هي غذاءً للروح وليست موسيقى مخدر بكل أنواعها الصاخب منها والمبتذل ففي وقتنا الحالي نسمع بالفعل ما لا نريد سماعه.
والموسيقى منها الصالح والطالح ، ومنها ما يهدىء من روعك ويشبع حواسك، ومنها ما يجعلك ترتكب حماقه.
وحينما أفسر الموسيقى وقالبها الفلسفي فأجد أن الفلسفة “هي علم الكلام” والموسيقى هي “بساط لكل الكلام”