فن وثقافة

قراءة لعرض “خطة إنقاذ المزرعة” رائعة مسرح الطفل بالدقهلية

                قراءة لعرض “خطة إنقاذ المزرعة” رائعة مسرح الطفل بالدقهلية

حكاية الغابة والمزرعة: صراع القوة والعدلمملكة الجمال في خطرفمن ينقذها؟

بقلم : صلاح الحوتي

مسرح الطفل مش مجرد مكان بيتجمع فيه الأولاد علشان يتفرجوا على حكاية ظريفة، ولا مجرد منصة بيتحرك عليها الممثلين ليرسموا الابتسامة على وشوش صغيرة. ده مساحة سحرية، عالم موازٍ بيصنع

ذكريات، ويزرع قيم، ويخلّي العقل الصغير يسافر لعوالم جديدة. في المسرح، الطفل مش مجرد متفرج، لكنه جزء من الحكاية، عايش تفاصيلها بكل حواسه، شايف الخير والشر، فاهم معنى الشجاعة والتعاون،

وحاسس بقيمة الجمال اللي مش بس في الشكل، لكن كمان في الروح والقبول والتسامح. المسرح بيبني طفل واعي، مش مجرد متلقي، طفل قادر يفكر، يناقش، يتخيل، ويرسم مستقبل مليان ألوان مش مجرد أبيض وأسود.

تواصل الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان،

تقديم عروض مسرح الطفل ضمن برامج وزارة الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة 

في محاولة مستمرة لرسم البسمة على وجوه الصغار، مع غرس القيم الإيجابية في نفوسهم. الإطار، استضاف مسرح نادي النيل  بجامعة المنصورة مسرحية “خطة إنقاذ المزرعة” من تأليف محمود عقاب وإخراج محمد عبد الجواد، مجانًا للجمهور.

المسرحية بتاخدنا لعالم المزرعة، حيث الحيوانات تحتفل بعيد ميلاد ملكها “الغزال”، وبيقرروا إن المزرعة لازم تكون مكان للجمال بس! القرار ده بيخليهم يطردوا القرد، الغراب، والحمار، رغم إن الأخير كان جايب لهم الأكل بنفسه! لكن لما بيقع منه الطعام وبيغضب الغزال، الحمار بيتطرد وبيلاقي نفسه تايه في الغابة،

وهنا بتبدأ الأحداث تاخد منحنى جديد، مليان تشويق ورسائل تربوية عن التسامح، وقبول الآخر، وإن الجمال الحقيقي مش بس في الشكل، لكن في القلب والسلوك.

العرض شارك فيه مجموعة من الفنانين الشباب، منهم :

الغزاله: مريم فرغلي

القرد: مؤمن فرغلي

الديك : مليكه

الطاووس : وعد الخولي

النعامه : جونير جورج

الحمار : ريتاج سامح

الغراب : يوسف صبرى

الخروف : يوسف ابراهيم

الثعلب : مروان تامر

الاسد: عمر احمد

الذئب : احمد وائل

الدب : ساندي بدر الدين

الحراس : يحي وائل ياسين احمد

القرود : محمد هاني $ عمر هانى & عبد الله نور $ اسلام ابراهيم

الفراشات: وعد صبرىهنا صبرىمكه فرغليروديرودينهسماسميه نورمنه وليدريتاج ابو بكرليلى

ادارة العرض :

ماكياج : جوزيف وهيب

ماكياج الفراشات: حسن محي

تنفيذ استعراضات : نادر احمد$ مروان تامر

اكسسوار وملابس : اتيليه بارتي شوب مدام سمر

إضاءة ومخرج منفذ : محمود الصاوي

مخرج منفذ : احمد فوزى

ديكور : محمود نبيه

تاليف واشعار : محمود عقاب

الحان: محمد صلاح

استعراضات خالد النمورى

ماكياج : جوزيف وهيب

ماكياج الفراشات: حسن محي

تنفيذ استعراضات : نادر احمد$ مروان تامر

اكسسوار وملابس : اتيليه بارتي شوب مدام سمر

المسرحية من إنتاج الإدارة العامة لثقافة الطفل، برئاسة د. جيهان حسن، وتابعة للإدارة المركزية للدراسات والبحوث، برئاسة د. حنان موسى. كما شهد العرض لجنة تحكيم مكونة من الشاعر د. مسعود شومان، المخرج حسن يوسف، ومهندس الديكور محمد هاشم،

يأتي العرض ضمن الموسم الجديد لشرائح مسرح الطفل، بالتعاون مع إقليم شرق الدلتاالثقافي، بإشراف الكاتب أحمد سامي خاطر، وفرع ثقافة الدقهلية برئاسة د. عاطف خاطر، وذلكاستمرارا لجهود قصور الثقافة في تقديم محتوى فني هادف للأطفال، يجمع بين المتعةوالتوعية بالقيم الإنسانية والاجتماعية.

ضمن الموسم الجديد لعروض مسرح الطفل، بالتعاون مع نادى اطباء طلخا  ، نادي النيل بجامعة المنصورة.

في ليلة مسرحية استثنائية، اجتمع أولياء الأمور ليشكلون دعماً لابانئهم الصغار وهم يتحدثون بصفتهم الفنية  وشكلوا كتلة رئيسية في حياة الجمهور وقام مراسلون الراى العام المصرى برصد تجربة فريدة على خشبة المسرح، حيث تألقت “خطة إنقاذ المزرعة” كواحدة من العروض التي حملت بين طياتها رسائل إنسانية عميقة. العرض الذي أخرجه الفنان محمد عبد الجواد

 لم يكن مجرد مسرحية للأطفال، بل كان درسًا دراميًا مكثفًا عن تقبل الآخر، ونبذ التنمر، والتأكيد على قيمة الجوهر لا المظهر.

العرضرؤية فنية تتجاوز حدود المسرح

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحًا أن الجمهور، سواء من الأطفال أو الكبار، على موعد مع تجربة بصرية وحركية متكاملة. فعلى خشبة المسرح، كانت مملكة الجمال تعيش في سلام تحت قيادة الغزال، بينما يتعرض سكانها لمؤامرة يقودها الثعلب والقرد والحمار المغرر به، في محاولة للسيطرة على المملكة من خلال الخداع والمؤامرات. لكن، كما كشف لنا العرض، فإن الذكاء والمثابرة والتعاون كانت الأسلحة الحقيقية التي حمت المملكة وأفشلت خطط الأشرار.

الرسالة المسرحيةكيف تُغرس القيم في عقول الأطفال؟

تجلى الهدف الأساسي من العرض في الجملة التي قالها القرد في النهاية: “المهم حسن الجوهر وليس المنظر”. هذه الجملة لم تكن مجرد عبارة تقليدية، بل كانت تتويجًا لسلسلة من الأحداث والمواقف التي ترسخت في أذهان الأطفال بطريقة ذكية، ما بين الحوار التفاعلي، والاستعراضات المبهجة، والمواقف الدرامية التي حملت الكثير من الإسقاطات الواقعية.

أهمية مسرح الطفل ودوره التربوي

يُعد مسرح الطفل أحد أهم الوسائل التربوية والترفيهية التي تعكس قيمًا إنسانية ومجتمعية في قالب فني ممتع. فهو ليس مجرد منصة للعرض، بل فضاء حيوي يساعد الأطفال على تنمية خيالهم، وتوسيع إدراكهم، وفهم العلاقات الإنسانية بشكل غير مباشر. ومن هنا، تبرز أهمية العروض المسرحية التي تقدم محتوى هادفًا، مثل مسرحية “خطة إنقاذ المزرعة”.

تسلسل الأحداث والمشاهد في المسرحية

المشهد الأول: عالم المزرعة المثالي

تبدأ المسرحية داخل مملكة الجمال، حيث تسود قوانين صارمة تحكمها فكرة واحدة: لا مكان إلا لكل من يحمل مظهرًا جميلًا. الغزال، ملك المملكة، والطاووس، قاضيها، يضعان دستورًا يمنع دخول الحيوانات التي لا تتماشى مع معايير الجمال المتفق عليها. في ظل هذا النظام، تتعرض بعض الحيوانات للظلم والاستبعاد، ومنها الحمار والغراب والقرد، الذين يُنظر إليهم بازدراء.

المشهد الثاني: احتفال يتحول إلى مأساة

يتزامن هذا مع يوم عيد ميلاد الغزال، حيث يُقدم القرد هدية بسيطة كتعبير عن محبته، لكنه يُقابل بالسخرية والطرد. الحمار أيضًا يُنبذ بلا سبب سوى مظهره، فيجد نفسه تائهًا في الغابة. هذا الإقصاء يمهد لمؤامرة يقودها الثعلب، الذي يحاول استغلال الموقف لتحقيق مكاسب شخصية.

المشهد الثالث: المؤامرة تُحاك في الغابة

في الغابة، يدور حوار سياسي معقد بين الأسد، الحاكم القوي، والذئب، مسؤول الأمن، والثعلب، العقل المدبر. يسعى الثعلب إلى الانتقام من الغزال عبر خطة ذكية: استغلال الحمار الطيب لمنحهم معلومات عن المزرعة. الحمار، الذي يتوق للقبول، يجد نفسه في منصب وزير جديد في الغابة، لكنه سرعان ما يدرك أن هذا التكريم ما هو إلا فخ لاستغلاله.

المشهد الرابع: الصراع الداخلي للحمار

بينما يستمتع الحمار بالمناصب، يأتي الغراب لينبهه إلى أن الغابة ليست كما تبدو، وأن الأسد والثعلب يخططان لاجتياح المزرعة. هنا تبدأ أزمة الحمار، الذي يصبح ممزقًا بين الرغبة في الاحتفاظ بمكانته والخوف من خيانة موطنه القديم.

المشهد الخامس: المواجهة الحاسمة

تتوالى الأحداث إلى لحظة الذروة، حيث يكتشف الأسد ورفاقه أنهم وقعوا في فخ مُحكم، فالمزرعة ليست كما كانوا يظنون. يدرك الحمار خطأه، ويقرر التضحية بمنصبه لحماية المكان الذي نشأ فيه. تتحول المسرحية إلى ملحمة مليئة بالتوتر والتشويق، حيث يتعاون الجميع ضد الغزو، في رسالة واضحة بأن التضامن والانتماء أقوى من أي إغراءات أو مطامع.

المشهد الأخير: العدالة تنتصر

في النهاية، يتم طرد المعتدين، ويتعلم الغزال درسًا قاسيًا عن أهمية الجوهر على المظهر. تقبل المزرعة جميع الحيوانات، بغض النظر عن أشكالهم، في لحظة رمزية تعكس مفهوم المساواة والاندماج المجتمعي. تنتهي المسرحية بمشهد احتفالي يحمل رسالة إيجابية للأطفال: لا تحكموا على الآخرين بمظهرهم، فالقيمة الحقيقية تكمن في الأخلاق والقدرة على العطاء.

التجربة الإخراجيةكيف نجح المخرج في تحقيق التوازن؟

كشف محمد عبد الجواد في حديثه عن كواليس الإخراج، أنه تعامل مع النص كرحلة مسرحية متكاملة، اعتمد فيها على مزج المشاهد الدرامية بالحركة التعبيرية والغناء، مما جعل العمل أكثر جذبًا للأطفال. وأوضح أن استخدام تقنيات كسر حاجز الإيهام كان له دور أساسي في تفاعل الجمهور، خاصة عبر شخصيات مثل الفراشات التي لعبت دور المعلق المسرحي على الأحداث، وأكدت للأطفال على قيم مثل الوطنية والانتماء.

الأداء التمثيليحين يتحول الطفل إلى نجم على المسرح

من أكثر اللحظات التي أبهرت الجمهور، كانت حالة الإبداع في أداء الأطفال، خاصة أن العمل يتطلب من الممثلين تقليد حركات الحيوانات وأصواتها، وهو أمر ليس سهلًا على الأطفال. شخصية الحمار، التي جسدتها طفلة بمهارة مذهلة، أثارت انبهار الجميع، حيث لم يتوقع أحد أن يكون المؤدي فتاة، ما زاد من روعة الأداء وتفاعل الجمهور معها. كما كان لـشخصية الغراب والقرد والثعلب تأثير درامي قوي، حيث استطاع كل منهم تقديم دوره بأسلوب سلس وذكي يناسب عقلية الطفل.

عنصر الاستعراض والموسيقىالسحر الذي جذب الأطفال

المخرج تعامل بذكاء مع عنصر الغناء والاستعراض، حيث تم تقديم بعض المشاهد في صورة أغانٍ تعبيرية، مثل مشهد “لماذا تتلفت حولك أيها الحمار؟”، الذي جسد بشكل ساخر كيف تم خداع الحمار وإقناعه بأنه أصبح وزيرًا للقوى العاملة، في حين أن الهدف الحقيقي كان استغلاله للكشف عن مكان المزرعة.

الجمهور يتفاعلوالتصفيق لم يتوقف

حالة التفاعل بين الجمهور والمسرحية كانت مدهشة. فالأطفال لم يكونوا مجرد متفرجين، بل كانوا جزء من الأحداث، وتفاعلوا معها بالصياح والتشجيع، بل إن البعض منهم كان يحاول تحذير الشخصيات من الوقوع في الفخاخ! كما ظهر التفاعل القوي من جانب الحضور  حيث أبدى العديد منهم دهشته من جودة الأداء، خاصة وأن الأطفال نجحوا في تقديم حوار باللغة العربية الفصحى بطريقة طبيعية وسلسة.

التصميم البصريعندما تتحدث الصورة قبل الحوار

أحد أبرز الجوانب التي ميزت العرض كان الديكور والأزياء. فبرغم الميزانية المحدودة، استطاع فريق العمل تقديم صورة بصرية ثرية، حيث تميزت مملكة الجمال باستخدام الألوان الزاهية والخلفيات الزاهية، في حين حملت الغابة طابعًا مظلمًا يوحي بالمؤامرات التي تُحاك ضد المملكة. كما لعبت الإضاءة دورًا محوريًا في تحديد مزاج المشاهد، خاصة في لحظات التوتر والانتصار.

المسرحية بين الترفيه والرسالة التربوية

“خطة إنقاذ المزرعة” ليست مجرد عرض مسرحي للأطفال، بل هي مرآة تعكس قضايا المجتمع في إطار مبسط وسلس. من خلال الرموز والشخصيات الحيوانية، نجحت المسرحية في إيصال فكرة تقبل الآخر، ورفض التنمر، والتأكيد على أن القيم الحقيقية لا تُقاس بالمظهر، بل بالأفعال والولاء والانتماء.

يخرج الأطفال من هذا العرض ليس فقط بضحكة، بل بحكمة ترسخ في أذهانهم، تؤكد أن الجمال الحقيقي لا يُرى بالعين، بل يُشعر بالقلب.

وهكذا، تنتهي القصة ولكن تفضل الفكرة. مسرح الطفل مش مجرد ساعة ونص على خشبة المسرح، لكنه تجربة بتعيش في عقل وقلب كل طفل شاف العرض. “خطة إنقاذ المزرعة” ما كانتش بس عن الحيوانات اللي اختلفت واتحدت، لكنها عن المجتمع اللي لازم يقبل الكل، ويفهم إن القوة الحقيقية مش في الشكل، ولا في الصوت العالي، لكن في الحكمة والعدل والتسامح. المسرح بيحكي الحكايات، لكن في الحقيقة هو بيوّعي جيل كامل بطريقة أبسط من أي كتاب وأقرب للقلب من أي درس. والسؤال اللي بيفضل دايمًا: بعد ما شفت العرض… يا ترى شايف العالم إزاي؟

🔗 الرابط المختصر:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى