
![]() |
![]() |
![]() |
“أرماء” يجسد صراع الإنسان والشيطان في مهرجان نوادي المسرح 2025
تقرير : صلاح الحوتى
شهدت خشبة مسرح قصر ثقافة الزقازيق عرضًا مسرحيًا لافتًا بعنوان “أرماء”، ضمن فعاليات مهرجان نوادي المسرح لإقليم شرق الدلتا فرع ثقافة الدقهلية. استقطب العرض جمهورًا كبيرًا ولجنة تحكيم المكونة من المخرج إبراهيم المهدى ، المهندس يحيي صبيح والكاتب محمود حامد
عرض ” ارماء ” عن نص ليلة زفاف لأحمد سمير ، دراماتورج وإخراج/ احمد مصطفى محمد ، ضمن فعاليات المهرجان الإقليمي لنوادى المسرح بأقليم شرق الدلتا ، فرع ثقافة الدقهلية ، قصر ثقافة المنصورة، أدار ندوة العرض الكاتب/ مجدى الحمزاوى ، وناقشها المخرج/ محمد الزيني ، الكاتبة / صفاء البيلي.
ارماء رؤية فنية جديدة تعتمد على دراما الرعب والتجريب المسرحي.
ملامح القصة وصراع الخير والشر

نص “أرماء”، المستوحى من نص “ليلة زفاف” للمؤلف أحمد سمير، يتناول صراع الإنسان الأبدي مع الشيطان من خلال أحداث تدور حول آدم وفريدة، الزوجين اللذين يقرران قضاء ليلة زفافهما في فندق أثري مهجور. هناك، يكتشفان حضورًا شيطانيًا يهدد حياتهما ومستقبلهما، حيث يحاول الشيطان تقسيمهما عبر سلسلة من المؤامرات التي تكشف نقاط ضعفهما وصراعاتهما النفسية.
يتسم النص ببنية تقدمية تركز على التحولات النفسية للشخصيات، وتعرض تجارب عميقة حول الصراع الأخلاقي والإنساني. كما يستعرض العرض تأثير الحيل الشيطانية على العلاقات الإنسانية، عبر حبكة مشوقة تمزج بين الواقع والخيال، مما يجعل المشاهد يتساءل عن مدى حقيقة ما يراه .
ليلة زفاف مظلمة
يفتتح العرض بمشهد مبهج لآدم وفريدة، عروسين يحتفلان بليلة زفافهما في مكان مظلم يؤكدان أنه سيضيء بحبهما. سرعان ما ينتقلان إلى الفندق الأثري، حيث يُقابلان سيدة غامضة تدير المكان. ومع مرور الوقت، تبدأ سلسلة من الأحداث الغريبة التي تكشف عن الطبيعة المسكونة للفندق وأسراره المخيفة.
يتحول المشهد تدريجيًا من الرومانسية إلى التوتر النفسي، حيث يظهر صوت شيطاني يتحدث بلسان السيدة العجوز. يشك آدم في أنه تحت سيطرة قوة خفية، ويبدأ في تفسير الأصوات بأنها جزء من مؤامرة كونية تديرها جهات غامضة.
يظهر الشيطان ليبدأ لعبته، مستغلًا نقاط الضعف في العلاقة بين آدم وفريدة. يقنع الشيطان آدم بخيانة فريدة له، ويغرس الشكوك في عقله حتى يصل الأمر إلى مواجهة مباشرة بينهما. فريدة، من جانبها، تتهم آدم بالضعف، بينما يُظهر الشيطان سيطرته على الجميع.
التقلبات ما بين لماضي والحاضر
تُعرض على المسرح مشاهد من طفولة آدم وفريدة، مما يكشف عن جذور العلاقة بينهما وتأثير الماضي على الحاضر. تتشابك الحقائق بالأوهام، وتزداد التوترات مع ظهور شخصيات مثل الرجل الأبكم الذي يتحول إلى وسيط شيطاني.
مع تصاعد الشكوك، يُعلن الشيطان عن سيطرته التامة على آدم، بينما ينهار الرابط بين العروسين. يُظهر العرض مشهدًا مؤلمًا لفريدة تدافع عن نفسها، في حين يُقدم آدم على شرب السم وينهي حياته في محاولة للهرب من الصراع.
كشف الحقيقة
تظهر السيدة العجوز لتكشف أن آدم كان الشيطان منذ البداية، وأن كل ما حدث كان جزءًا من لعبة عبثية هدفها إثبات فساد البشر. يعود المشهد الأخير ليُبقي الجمهور في حالة تساؤل: هل كان الصراع حقيقيًا أم مجرد إسقاط على النفس البشرية؟
أثناء متابعة العرض المسرحي “أرماء”، برزت مشاهد تعتمد على تقنيات الانتقال النفسي والدرامي بين الشخصيات، مما أضفى على العرض أبعادًا فلسفية ورمزية أعمق. من بين أبرز تلك المشاهد:
تجلّى الشر في شخصية خفية كانت تسيطر على الآخرين، وتجسّدت أولى مظاهرها في تحول السيدة العجوز إلى شيطان يتحدث بصوت رجل. هذا التحول لم يكن مجرد تغيير في الشكل أو الصوت، بل كان يعكس عمق الصراع بين الخير والشر الذي يعيشه البطل، آدم، العريس الذي أصبح في مواجهة مباشرة مع قوى الشر في ليلة زفاف
الصراع النفسي لآدم
على الرغم من العبء النفسي الكبير الذي حمّله العرض لشخصية آدم، فإنه لم يستسلم بسهولة. أبدى آدم شجاعة نادرة، موجهًا حديثه إلى السيدة العجوز (بعد أن تحولت إلى الشيطان) باستخدام أسلوب الكناية والإشارة، مما عكس إدراكه التام لحقيقة ما يحدث حوله.
التحولات الدرامية
استخدام العرض للفصل والوصل بين الشخصيات (دخول وخروج إلى حالات نفسية وشخصيات مختلفة) أضاف عمقًا إلى التجربة البصرية، حيث مثّل الشر قوة خفية تمتد تأثيراتها لتشكل شخصية كل فرد في العمل، مما يفتح باب التأويل للجمهور حول طبيعة الشر: هل هو خارجي أم جزء من النفس البشرية نفسها؟
هذا التنقل السلس بين الشخصيات والحالات النفسية يعكس رؤية المخرج في توظيف تقنيات مسرحية حديثة، تدمج بين الأداء الجسدي والنفسي لتوصيل رسائل العرض بشكل غير مباشر، وتحفّز الجمهور على التفكير في صراعاتهم الشخصية مع الخير والشر.
في العرض المسرحي “أرماء”، برز استخدام تقنيات مبتكرة لتحريك الشخصيات على خشبة المسرح بطريقة تعكس سيطرة الشر والشيطان عليهم
تميز العرض بأسلوب فريد حيث كان الممثل الذي يجسد شخصية الشيطان يُمارس سلطته على الشخصيات الأخرى من خلف الكواليس، باستخدام صوته الشيطاني الذي كان يُسمع بوضوح على خشبة المسرح. هذا الصوت لم يكن مجرد عنصر تقني، بل كان رمزًا لقوة خفية تسلب إرادة الشخصيات وتسيطر على أجسادهم وأفعالهم، مما جعل الجمهور يشعر بوجود الشيطان في كل لحظة من العرض
المرأة الفاتنة ذات الرداء الأحمر:
لعبت هذه الشخصية دورًا محوريًا في تعزيز أجواء العرض الغامضة. كانت نزيلة الفندق الجميلة مثالًا على الإغراء والإثارة التي يسهل للشيطان استغلالها، حيث استحوذ على روحها وجسدها، متحدثًا بصوته الشيطاني من خلالها، مما جعلها أداة أخرى لتنفيذ خططه.
الخادم الأصم الأبكم:
حتى شخصية الخادم، التي تبدو بسيطة لم تسلم من سيطرة الشيطان. رغم إعاقته التي تجعله غير قادر على الحديث، وكان هذا الممثل الجميل وجهة نظر في اداء الشخصية فعبر عنها واستخدامات اشارات الصم والبكم في وصف معانيه مع ادم والعجوز ومع ذلك فإن الشيطان استخدم صوته للتحدث من خلاله، مما أبرز قدرته على تجاوز كل الحواجز ليظهر سيطرته الكاملة على من حوله.
فريدة.. العروس في مواجهة الشر
فريدة، التي أصرت على المجيء إلى الفندق المسكون، كانت تجسد شخصية معقدة مليئة بالتناقضات. هذا الإصرار على الوصول إلى مكان مظلم وغامض بدا كأنه قرار يحمل الكثير من التساؤلات. هل كان بدافع الفضول؟ أم أنها كانت تحمل أسرارًا جعلتها تتحدى هذا المصير؟
عندما سيطر الشيطان على فريدة، رأينا كيف استطاع أن ينزع عنها كل ما يرمز إلى الحب أو النقاء في ليلة زفافها. تحولت العروس من رمز البراءة والحب إلى دمية في يد الشر، متحدثة بصوته الشيطاني وكأنها فاقدة للسيطرة على نفسها. هذا التحول أثار الشكوك لدى آدم، زوجها، الذي بدأ يرى في فريدة شخصًا آخر تمامًا، مما زاد من حدة الصراع بينهما.
شخصيات العمل: بين الرمزية والواقعية
اعتمد العرض على ست شخصيات رئيسية، أبرزها آدم وفريدة، اللذان حملا عبء التعبير عن الصراع النفسي والمعنوي بين الإنسان والشيطان. تميز أداء الممثلين بتجسيد معاناة الشخصيات بشكل عميق، حيث كان لكل شخصية دور رمزي يعكس جوانب متعددة من الصراع البشري مع الشر والخطيئة.
الشخصية المحورية الأخرى، السيدة العجوز، جسدت دور الوسيط بين عالم الإنسان والشيطان، مشيرة إلى القدرية والاختبارات التي يتعرض لها البشر.
قراءة فنية وموضوعية
يشكل “أرماء” نموذجًا مثيرًا للتجريب في المسرح المصري، حيث يجمع بين تقنيات دراما الرعب والإسقاطات الفلسفية. يناقش العرض قضايا وجودية مثل الخير والشر، الحب والخيانة، والبحث عن الحقيقة، مما يفتح المجال أمام المشاهد لتأمل مدى هشاشة الإنسان أمام الإغراءات الشيطانية.
كما أن اختيار الفندق المهجور كمسرح للأحداث يرمز إلى العزلة والخوف من المجهول، بينما يعكس الحضور الشيطاني مدى تعقيد النفس البشرية وضعفها أمام القوى الخارقة للطبيعة.
: رسالة “أرماء”
بإعلانه انتصار الشيطان في ليلة زفاف لم تكتمل، يطرح العرض تساؤلات عميقة حول قدرة الإنسان على مواجهة الشر داخل ذاته وخارجها. يعكس “أرماء” التحدي المستمر في خلق توازن بين الحب والصراع، النور والظلام، الخير والشر. ويبقى السؤال: هل يمكن للبشر أن يتغلبوا على الشيطان الذي يسكن داخلهم؟
“أرماء” ليس مجرد عرض مسرحي، بل تجربة تستحق التأمل والنقاش في عالم المسرح المصري الحديث
رؤية المخرج أحمد مصطفى
أكد أحمد مصطفى، مخرج العرض المسرحي “أرماء”، أن المسرحية تسلط الضوء على تأثير اختيارات الإنسان اليومية في تشكيل مسار حياته. وقال:
“قراراتنا هي التي ترسم ملامح حياتنا. البعض يتركها للصدفة أو يتخذها بعشوائية، مما يؤدي إلى حالة من الفوضى التي تنعكس على مصير الفرد.
كشف المخرج عن الجوانب الإبداعية التي واجهها أثناء تنفيذ العمل، موضحًا أن دراما الرعب والتشويق تتطلب فهمًا عميقًا لنفسيات الشخصيات، لا سيما تلك التي لا تمتلك مرجعية واقعية. لتحقيق ذلك، تم تنظيم ورش عمل مكثفة لفريق التمثيل، مما ساعدهم على تجسيد الأجواء النفسية والدرامية للعمل بشكل أكثر عمقًا. وأضاف أن تقديم دراما الرعب على خشبة المسرح شكل تحديًا كبيرًا، لا سيما في ظل غياب المؤثرات البصرية المعتادة في هذا النوع من الأعمال. لذا، اعتمد الفريق على الأداء الجسدي للممثلين، والتفاعل المباشر مع الجمهور، إلى جانب توظيف الإضاءة والموسيقى بأسلوب تجريبي مبتكر ، أن الفندق، الذي تدور فيه الأحداث، يمثل العالم بأسره. فهو مكان متداعٍ يعكس الصراع الأبدي بين الخير والشر، ويمنح الجمهور مساحة واسعة لتأويل رمزيته وفق رؤيتهم الخاصة. كما أوضح مصطفى أن النص الأصلي لمسرحية “ليلة زفاف” للكاتب أحمد سمير لم يكن يتضمن شخصيات نزلاء الفندق، لكن تمت إضافتهم لاحقًا لتوسيع الأفق الدرامي. حيث يرمز الفندق إلى العالم، بينما يعكس النزلاء تنوع البشرية بصفاتها المختلفة. وأكد أن كل شخصية تحمل في طياتها رسالة أو عبرة تعكس تجربة إنسانية يمكن للجمهور استيعابها والتفاعل معها.
الاختيار والمصير : الفكرة الجوهرية للمسرحية تتمحور حول حرية الإرادة والمسؤولية عن القرارات، مشددًا على أن مصير الإنسان يتحدد وفق أفعاله “آدم كان يمتلك فرصة للنجاة طوال أحداث المسرحية، لكن قراراته كانت العامل الحاسم في تحديد نهايته.”
الصعوبات الإبداعية
وصف مصطفى تحديات اختيار فريق العمل، موضحًا أن طبيعة النص تتطلب ممثلين على درجة عالية من التمكن الفني والوعي الدرامي لاستيعاب تعقيد الشخصيات. كما أشار إلى محدودية الإمكانيات المتاحة في نوادي المسرح، مما دفع الفريق إلى الاعتماد على حلول إبداعية، كاستخدام المؤثرات الصوتية والخدع البصرية بأساليب مبتكرة لتعزيز التأثير الدرامي.
الرؤية الفلسفية للنص
تناول المخرج البعد الفلسفي للمسرحية، مشيرًا إلى أن العمل يرفض فكرة التواكل وإلقاء اللوم على القدر أو الظروف. بل يدعو إلى مراجعة الذات، والتفكير في القيم الأخلاقية والدينية التي بدأت تتلاشى في المجتمع.
“المسرحية لا تبرر الأخطاء، بل تحث على التوبة والتصحيح بدلاً من التبرير والإنكار.”
الجوانب الفنية والإخراجية
أكد مصطفى أن العرض اعتمد على دمج العناصر الفنية المختلفة، بما في ذلك الموسيقى والإضاءة التجريبية، لخلق أجواء مشحونة بالتوتر والتشويق. كما شدد على أهمية استخدام أدوات بسيطة لكنها فعالة لتحقيق التأثيرات البصرية والصوتية المطلوبة، مما عزز من تفاعل الجمهور مع الأحداث وعمّق ارتباطهم العاطفي والفكري بالرسائل المطروحة
وختامًا “أرماء” ليست مجرد تجربة مسرحية تعتمد على الرعب، بل هي عمل يحمل رسالة إنسانية عميقة. الهدف الأساسي من العرض هو أن يراجع المشاهد نفسه وقراراته، ويتأمل القيم التي يعيش وفقًا لها في عالم يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.
ارماء ماخوذ عن ليلة زفاف للمؤلف احمد سمير ( رؤية واخراج ) احمد مصطفي محمد
ارماء بطولة :-
احمد رجب – ادم
هبة جمال – فريدة
محمد حشيش – الشيطان
الخادم – إبراهيم كمال
السيدة العجوز – شروق وائل
ادم الشاب – إيساف نبيل
ادم الطفل – فارس أبو بكر
فريدة الشابة مارلي أيمن
فريدة الطفلة ريتاج أبو بكر
نزلاء الفندق
مصطفى ماهر
نفي ماهر
نور فتحي محمد السعيد
دعاية وبامفليت : جون رؤوف
اضاءة : حازم احمد
دكيور : احمد جاد
تنفيذ ديكور واكسسوار
سحر وائل
تأليف موسيقى والحان : محمد بيومي
اعداد موسيقي : مصطفى مجدي
كيوجراف عبد الله إسماعيل
-أحمد مصطفى
مخرج منفذ إيمان لطفي
اقرأ أيضًا:
البنك الأهلي المصري يحتفظ بشهادة الجودة في مجال الإمداد اللوجيستي من للعام الثاني على التوالي
بنك مصر والبنك التجاري الدولي يمنحان تمويلا مشتركا لصالح شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار “سوديك” بقيمة 4.14 مليار جنيه مصري لتمويل مشروعها بزايد الجديدة
وزير المالية: الإصلاح المالى والاقتصادي عملية ممتدة ومستدامة.. وأكبر من برامجنا الإصلاحية المدعومة من المؤسسات الدولية
البنك الزراعي المصري يوقع بروتوكول تعاون مع وزارة الزراعة وشركة MAFI لتمويل الزراعات التعاقدية
الرئيس عبد الفتاح السيسي يهنيء قضاة مصر بمناسبة الاحتفال بـيوم القضاء المصري
النائب أحمد المصري يشيد بأستجابة مجلس أمناء الحوار الوطني لمطالبة الرئيس السيسي بإضافة بندًا عاجلاً لمناقشة قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية
دكتوره نورهان الزقم اخصائي طب الاسنان و علاج اللثة في حوار خاص للرأي العام عن أهم اسباب التهابات اللثةوكيفية علاجها
بنك القاهرة يوقع عقداً مع شركة بلتون لإدارة صناديق الاستثمار لتكوين وإدارة محفظة خارجية