سفير الهند لدي مصر سوريش كيه ريدي في حوار خاص مع ريم الرحماني : علاقتنا بمصر استراتيجية …ولن نصمت أمام الارهاب
في وقت تتشابك فيه خيوط السياسة والاقتصاد والثقافة على المسرح الدولي، تبرز الهند كلاعب محوري لا يكتفي بالأرقام والسياسات، بل يحمل معه إرثًا حضاريًا وروحيًا فريدًا. وفي إطار تعزيز العلاقات المصرية–الهندية، التقيت بالسفير الهندي
لدي مصر سوريش كيه ريدي حيث نظمت سفارة الهند صباح اليوم مهرجانا رياضيا على شاطئ ستانلي بمحافظة الإسكندرية، تضمن ماراثونًا رياضيًا مفتوحًا وتدريبًا على رياضة
اليوغا، بمشاركة العشرات من المواطنين المصريين والجالية الهندية، يأتي هذا الحدث في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها السفارة لتعزيز التقارب الثقافي والإنساني بين الشعبين المصري والهندي، من خلال الدبلوماسية الشعبية والأنشطة غير الرسمية، التي تبرز القواسم المشتركة بين الحضارتين العريقتين.
بدأ حواري مع السفير الهندي من حيث تبدأ دائمًا العلاقات العريقة: من التاريخ الطويل الذي يربط مصر والهند، حضارتين ضاربتين في الجذور، تلاقتا عبر القرون من خلال التجارة، والثقافة، والروح الشرقية المشتركة.
لكن الحوار لم يكن فقط استدعاءً للماضي، بل انطلق سريعًا نحو الحاضر بما يحمله من تعاون اقتصادي متنامٍ، وتبادل ثقافي نشط، ورؤية مستقبلية لعلاقات أكثر عمقًا وتأثيرًا
وفي أجواء يسودها الانفتاح والوضوح، تحدّث السفير عن رؤية الهند للسلام في جنوب آسيا، موقف بلاده من الإرهاب، فرص الشراكة الاقتصادية مع مصر، ودور اليوجا كرسالة محبة تتجاوز لغة السياسة.
.واليكم نص الحوار :
“سيادة السفير، هناك تاريخ طويل من التعاون بين مصر والهند، يمتد إلى زمن الزعيمين الراحلين جواهر لال نهرو وجمال عبد الناصر، حيث كانت العلاقة بين البلدين نموذجًا للتقارب بين حركات التحرر في العالم. كيف تقيّمون تطور العلاقات المصريةالهندية في الآونة الأخيرة؟ وهل ترون أنها تسير على خطى هذا الإرث التاريخي العريق؟”
بكل تأكيد، العلاقة بين الهند ومصر تمتد جذورها إلى عمق التاريخ الحديث، وقد شهدت لحظات مشرقة من التعاون والدعم المتبادل، خاصة خلال عهد الزعيمين الكبيرين جواهر لال نهرو وجمال عبد الناصر، اللذين كانا من مؤسسي حركة عدم الانحياز، وحملا معًا راية الاستقلال والسيادة الوطنية في وجه الاستعمار.
اليوم، تستمر هذه الروح، في عهد رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي والرئيس عبد الفتاح السيسي في إطار جديد يتماشى مع التحديات المعاصرة. العلاقات بين بلدينا تشهد تطورًا ملحوظًا، سواء على مستوى التعاون الاقتصادي أو التنسيق السياسي، أو حتى في مجالات التعليم والثقافة.
نحن نؤمن بأن الهند ومصر ليستا فقط شريكتين، بل تمثلان نموذجًا للتفاهم بين حضارتين عريقتين. وفي السنوات الأخيرة، لمسنا رغبة قوية من القيادتين في تعزيز هذا التعاون وتحويله إلى مشاريع واقعية تعود بالنفع على الشعبين.
لدينا اليوم فرص هائلة للتعاون، سواء من خلال التبادل التجاري، أو الاستثمار، أو المشروعات المشتركة في التكنولوجيا والزراعة والطاقة، ونحن ملتزمون بتوسيع هذه الشراكة على جميع المستويات.”
“سيادة السفير رياضة اليوجا وهي أحد الرموز الثقافية التي قدمتها الهند للعالم فهل يمكن اعتبارها رسالة صداقة من الهند الي شعوب العالم لتبني جسورا من الود لا تستطيع السياسة وحدها ان تبنيها ؟”
اليوجا تراث ثقافي وروحي يعود لآلاف السنين، وتحمل في جوهرها رسالة عالمية: السلام الداخلي يقود إلى السلام الخارجي.
عندما نشارك اليوجا مع العالم، نعتبرها كجسر للحوار والتفاهم والتقارب بين الشعوب.
كما ان اليوجا هي الحل ان يتمتع الانسان بعافية وصحة جيدة بأقل تكلفة .
ونحن سعداء بأن نرى تزايد الإقبال على ممارسة اليوجا في مصر، سواء من خلال الأنشطة التي تنظمها السفارة، أو من خلال المبادرات المحلية، لأن ذلك يعكس مدى قدرة الثقافة على بناء علاقات إنسانية أقوى وأكثر عمقًا
“سيادة السفير، بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والهند مؤخرًا ما يقارب 5 مليارات دولار، وهو رقم يعكس قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين. كيف ترون مستقبل التعاون الاقتصادي بين القاهرة ونيودلهي؟ وهل هناك خطط لزيادة هذا التبادل عبر اتفاقيات أو خطوط ملاحية مباشرة؟”
بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين اكثر من 4 مليارات دولار، وهذا يُعد مؤشرًا قويًا على الديناميكية المتزايدة في العلاقات الاقتصادية بين الهند ومصر. ونحن نطمح الي ان يصل الي ١٠ مليار دولار
عدد سكان الهند ١.٤ مليار نسمة .الاقتصاد الهندي حجمه ٤ تريليون دولار وهو رابع اكبر اقتصاد علي مستوي العالم الهند تستثمر في العديد من دول العالم .
نحن نرى مصر شريكًا استراتيجيًا في المنطقة، ليس فقط بسبب موقعها الجغرافي الفريد كبوابة إلى إفريقيا وأوروبا، بل أيضًا لما تمتلكه من إمكانات بشرية وصناعية كبيرة.
في هذا الإطار، نعمل مع الجانب المصري على تعزيز التعاون في عدة مجالات، بما في ذلك الطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات، والدواء، والزراعة. هناك نقاشات جارية لإقامة خطوط ملاحية مباشرة بين الموانئ الهندية والمصرية، مما سيساهم في تقليل تكاليف النقل وتسهيل حركة البضائع بشكل كبير.
كما نعمل على تحديث الإطار القانوني للتعاون من خلال اتفاقيات جديدة تعكس الطموحات المشتركة للمرحلة المقبلة. هدفنا هو مضاعفة حجم التبادل التجاري خلال السنوات القادمة، وتحويل العلاقة الاقتصادية إلى شراكة شاملة تقوم على المنفعة المتبادلة.ان الهند تنظر إلى مصر باعتبارها بوابة مهمة إلى قارة إفريقيا، وشريكًا استراتيجيًا في تحقيق التنمية الإقليمية المشتركة
“سيادة السفير في إطار اهتمام مصر بدور الهند في حفظ الاستقرار الاقليمي كيف تري الهند سبل تحقيق الاستقرار والسلام في جنوب آسيا خاصة علاقتها مع باكستان ؟”
ان الهند تسعى دائمًا إلى السلام والاستقرار في منطقة جنوب آسيا، كما أن الهند تمد يدها للحوار والتفاهم متى توافرت النوايا الصادقة لذلك.
إلا أنه في الوقت ذاته لن تتهاون في الدفاع عن أراضيها
السلام خيار استراتيجي للهند، لكن حين يتعلق الأمر بالإرهاب أو تهديد الأمن القومي، فإن حماية الأرض والشعب تظل أولوية قصوى.
أن الهند تؤمن بأن الاستقرار الإقليمي لا يتحقق إلا من خلال نبذ التطرف وتعزيز التعاون بين الشعوب، معتبرًا أن التنمية والتبادل الثقافي يمكن أن يكونا ركيزة أقوى من أي صراع.